أما
كونُهُ يُؤدي بعضها ويُوَكِّل على البقية مِنْ غير عذر شرعي؛ إلا أنه يريد السفر
إلى بلده؛ فهذا لم يتقِ الله عز وجل، إنما الذي يتقي الله هو الذي يؤدي العبادة
على الوجه المشروع؛ مخلصًا لله عز وجل، والله جل وعلا يقول في بداية الآيات: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ
وَٱلۡعُمۡرَةَ﴾ [البقرة: 196]، أتموا مناسك
الحج وأتموا مناسك العمرة، ولا تتلاعبوا فيهما تؤدوا بعضها وتتركوا بعضها، بل أتم
حجك وأتم عمرتك، حتى تكونَ متقيًا لله عز وجل وتحصل على ثواب الحج وثواب العمرة. ﴿وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ
إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ﴾ [البقرة:
203].
ثم
قال جل وعلا: ﴿لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ﴾
[البقرة: 203]، اتقوا الله في كل أحوالكم في الحج وفي غيره؛ لأن بعض الناس يظن أنه
إذا حج أنه أدى ما عليه، ولا عليه بعد ذلك أن يتركَ الصلاة، وأن يرتكب المعاصي؛
لأنه يقول: حججت، والحج يغفر الله به الذنوب والخطايا، فبعد الحج يرتكب المعاصي
والمحرمات. هذا لم يتقِ الله سبحانه وتعالى.
يجب
عليه أن يتقيَ الله باستمرارٍ في أيام الحج وبعد الحج. عليه أن يتقي الله إلى أن
يموت، ولا يظن أن الحج هو الدين كلُّه. بعض الناس يظن أن الحج هو الدين كلُّه، ولا
يلتفت إلى بقية العبادات، ويتهاون بالصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ولا يصوم رمضان،
ويأتي للحج. هذا ليس له حجٌّ، الذي لا يصلي ليس له حجٌ.
الصلاة هي الركن الثاني مِنْ أركان الإسلام، الزكاة هي الركن الثالث، الصيام هو الركن الرابع، الحج هو الركن الخامس، فلا يصح الركنُ الخامس إلا بعد أداء الأركان التي قبله، الدين متكامل، ما يؤخذ بعضه ويُتْرك بعضه، سيأتينا قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ﴾ [البقرة: 208]، أي: اقبلوا الإسلام، كل الإسلام، ما