×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ [البقرة: 213]، هذا عامٌّ، أيُّ اختلاف يُرجَع فيه إلى الكتاب والسنة.

ثم قال جل وعلا: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ [البقرة: 213]، أي: في الكتاب، ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ [البقرة: 213]، وهم اليهود والنصارى. اختلفوا والعياذ بالله والكتاب بين أيديهم. اتبعوا أهواءهم، اتبعوا أحبارهم ورهبانهم، ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ [التوبة: 31]، هم الذين اختلفوا في كتاب الله عز وجل، التوراة والإنجيل والقرآن، لم يُحَكِّموا كتاب الله، وإنما حَكَّموا أحبارهم ورهبانهم وأهواءهم وشهواتهم.

فلنحذر من طريقة اليهود والنصارى، أن نُعْرِض عن كتاب الله، ونتحاكم إلى غيره، فتكون حالتنا مثل حالتهم والعياذ بالله.

﴿وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ [البقرة: 213]، أي: الحجج الواضحة.

ما السبب الذي حملهم على مخالفة الكتاب؟

﴿بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ [البقرة: 213] البغي هو الذي حملهم على هذا الهوى، اتباع أهوائهم، اتباع شهواتهم ورغباتهم، لا يريدون الحق؛ وإنما يريدون أن ينتصروا لما هم عليه من المذاهب والمقالات. هذا شأن أهل الضلال في كل زمان ومكان؛ بغيًا بينهم.

والبغي هو التعدي على عباد الله عز وجل.

ما يريدون الحكم بما أنزل الله؛ لأن الحكم عدل، وهم لا يريدون العدل، يريدون البغي والظلم والعدوان، والعياذ بالله، يريدون ما يبرر ما هم عليه من الهوى والضلال، ما يُسوِّغ لهم ما هم عليه، ما يبيح لهم الحرام ويُحرِّم عليهم الحلال. هم يريدون هذا.


الشرح