×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

فالله جل وعلا علم أن هذه الشرائع - ومنها الجهاد في سبيل الله - تفضي إلى عاقبة حميدة، وأن ترك هذه العبادات وهذه الطاعات يفضي إلى عاقبة وخيمة؛ ولهذا أمركم بالطاعات ونهاكم عن المعاصي، وإن كنتم تشتهون بعض المعاصي أو توافق أهواءكم، لكن عاقبتها وخيمة.

فالله جل وعلا لا يأمر إلا بما هو خير، ولا يَنْهَى إلا عما هو شر، سواء كان في الحاضر أو في المستقبل، والله يعلم، يعلم الغيب سبحانه وتعالى، وأنتم لا تعلمون.

فلذلك لا تتخذوا عقولكم وشهواتكم وكراهيتكم ومحبتكم مقاييس، لا تتخذوا هذه مقاييس للخير والشر.

بل عليكم أن تمتثلوا لِما أمركم الله به، فتفعلوه وإن كان فيه مشقة عليكم، وأن تتركوا ما نهى الله عنه وإن كان فيه لذة عاجلة.

فالمؤمن يتقبل ما أَمَر الله به في فعله، ويترك ما نهى الله عنه وإن كانت نفسه تميل إليه؛ فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي؛ ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: «وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا»  ([1])، والله جل وعلا يقول: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الحشر: 9].

فعلى الإنسان أن يحذر من هوى نفسه فإنها أقرب الأعداء إليه، يحذر من هوى نفسه ومحبتها وتشهيها.

وعليه أن يدور مع أوامر الله سبحانه وتعالى، فيفعل أوامر الله وإن كانت نفسه لا تريدها، ويتجنب ما نهى الله عنه وإن كانت نفسه تريده.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (1105)، والنسائي رقم (1404).