الخمر
كانت تُشرب في الجاهلية بكثرة، كانوا في الجاهلية يتمدحون بشربها، ويتلذذون بها،
وكانت تُشرب في أول الإسلام أيضًا، قبل أن ينزل تحريمها.
ولكن
كانت العقول السليمة تنفر منها، وقد تركها عقلاء الرجال في الجاهلية.
فهناك
أناس من الجاهلية استنكروها وتركوها، وقالوا أشعارًا فيها يذمونها.
ثم
إن الله سبحانه وتعالى نَقَل المسلمين من حالة إباحتها وشربها إلى أنه سبحانه
بيَّن أضرارها، وأنها أكثر من نفعها. والعاقل إذا عَرَف أن
ضررها أكثر من نفعها، تركها؛ فإنه لا يليق به أن يتعاطى شيئًا ضرره أكثر من نفعه.
فأنزل
الله هذه الآية: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ
عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ﴾
[البقرة: 219].
والميسر
أيضًا كان قرين الخمر؛ لأنهم كانوا يشربون الخمر ويقامرون ويعملون الميسر، يجمعون
بينهما؛ فلذلك جاء الجواب عنهما جميعًا.
ثم
إنه سبحانه نَقَلهم من هذه الحالة إلى أن حرمها عليهم،
في هذه الآية لم يحرمها عليهم، ولكنه بَيَّن أن ضررها أكثر من نفعها، وهذا تمهيد
لتحريمها.
ثم
إنه حرمها عليهم في وقت دون وقت، فقال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ
مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: 43]، فكانوا إذا
أقبلت الصلاة تركوها إلى أن ينتهوا من الصلاة.
وفي هذا تدريج لهم؛ لأنها كانت متأصلة عند الناس، كانوا يشربونها بكثرة، وكانوا واقعين فيها. فالله جل وعلا من حكمته أنه لم يحرمها