ذلك
يفارقها رغبة عنها لا من أجل تحليلها للأول. لكن إذا لم يرغب فيها، فإنه يطلقها.
فلا
تحل للأول إلا بأمرين:
الأمر
الأول: العقد الصحيح، عقد الزوجية الصحيح المستوفي لشروطه
وأركانه.
والأمر
الثاني: أن يطأها الزوج الثاني.
فإن
طلقها قبل الوطء لم تحل للأول؛ وذلك لأن رفاعة القرظي طلق زوجته طلاقًا بائنًا، ثم
تزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير، ولكن ابن الزبير لا يطأ، لا يستطيع الجماع،
فطلقها، فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستفتيه بأن زوجها رفاعة طلقها طلاقًا
البتة، وتزوجها عبد الرحمن بن الزبير، فلم يصل إليها، فتبسم النبي صلى الله عليه
وسلم وقال: «تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لاَ، حَتَّى تَذُوقِي
عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» ([1]).
والمراد
بالعسيلة هنا الوطء، فدل هذا على أنه لا يكفي عقد الزواج الثاني ولو كان عقدًا
صحيحًا، بل لابد معه من الوطء بدليل هذا الحديث الصحيح.
فيكون
هذا معنى قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ
تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥ﴾
[البقرة: 230] بالعقد والوطء معًا.
فلا يكفي واحد دون الآخَر، فلا يكفي العقد بدون الوطء، ولا يكفي الوطء بدون عقد صحيح. فلو عقد عقدًا باطلاً أو فاسدًا أو زنت، وُطئت بالزنا، فإن هذا الوطء لا يُحِلها للأول ﴿حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥ﴾ [البقرة: 230].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2639)، ومسلم رقم (1433).