×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا [البقرة: 240]، ﴿وَيَذَرُونَ: أي: يَتركون في عصمتهم ﴿أَزۡوَٰجٗا [البقرة: 240]: يعني: زوجات. فالمرأة تُسمَّى زوجًا لبعلها، والرجل يُسمَّى زوجًا لامرأته، فهما زوجان. أما زوجة - بالتاء أو بالهاء - فهذه ليست عربية، أو ليست فصيحة. وإنما عند الفَرَضيين، يقولون: تُوفِّي عن زوجة؛ من أجل الفرق بينها وبين الزوج.

﴿وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا [البقرة: 240]: يعني يتركون بعدهم أزواجهم، ﴿وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ[البقرة: 240].

أكثر المُفسِّرين على أن هذه الآية يراد بها العِدَّة، عِدَّة الوفاة، وكانت العِدَّة في البداية سَنة، اثني عَشَر شهرًا. ثم إن الله جل وعلا نَسَخ ذلك بقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ [البقرة: 234].

فالآية الأولى في المصحف ناسخة للآية الثانية التي بعدها.

ولا إشكال في أن الآية الأولى الناسخة كُتبت أولاً، ثم كُتبت الآية المنسوخة بعدها.

لا إشكال في هذا؛ لأن العبرة بالنزول، وليست العبرة بالكتابة، فالآية الأولى نازلة بعد الآية الثانية، ولكن الكتابة بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الذي رَتَّب الآيات في المصحف، عليه الصلاة والسلام.

فهذه الآية - العِدَّة سَنة - نُسخت بأن جُعلت العِدَّة أربعة أشهر وعَشَرة أيام؛ تخفيفًا. هذا من النسخ إلى الأخف، نَسْخ من الأشد إلى الأخف.

وذهب جماعة من المُفسِّرين إلى أن هذه الآية ليست في العِدَّة،


الشرح