×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

*أما بعد:

فهذه الآيات ماضية في سياق ما تَقَدَّم به بنو إسرائيل إلى نبيهم في أن يختار لهم مَلِكًا يقودهم للقتال في سبيل الله، وأنه لما اختار الله لهم رجلاً من خيارهم وأقدرهم على القيادة؛ اعترضوا عليه كشـأنهم دائمًا في الاعتراضات على أحكام الله وعلى رسل الله، فهذه طبيعة بني إسرائيل.

قال الله عز وجل: ﴿وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ [البقرة: 247] أي: النبي الذي كان موجودًا في عصرهم؛ لأن الله عز وجل جعل في بني إسرائيل أنبياء يَخْلُف بعضهم بعضًا، من بعد موسى عليه السلام إلى عيسى بن مريم عليه السلام، الذي هو آخر أنبياء بني إسرائيل، كلما هَلَك نبي خَلَفه نبي؛ رحمة من الله بهم؛ لأن الأنبياء رحمة، رحمة للأمة.

فقالوا لنبيهم الذي كان موجودًا فيهم في ذلك الزمان: ﴿ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكٗا نُّقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ [البقرة: 246] هم الذين طلبوا هذا، هم الذين طلبوا أن يختار لهم نبيهم مَلِكًا يقودهم؛ ليقاتلوا في سبيل الله.

وكما أسلفنا أن هذا فيه دليل على أن الجهاد من صلاحيَّات ولاة الأمور، وأنهم هم الذين يتولونه وينظمونه ويأمرون به.

كما كان في عهد نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه كان هو الذي ينظم الجهاد وينظم الجيوش والسرايا. وأحيانًا يقودها بنفسه عليه الصلاة والسلام. وأحيانًا يختار مَن يقود هذه الجيوش وهذه السرايا نيابة عنه.

فهذا دليل على أن أمر الجهاد من اختصاص ولاة أمور المسلمين، هم الذين يأمرون به، وهم الذين ينظمون الجيوش ويُؤمِّرون عليها الأمراء.


الشرح