والثاني: الذي مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها، ﴿قَالَ أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ﴾
[البقرة: 259].
أما
قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ
تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبۡرَٰهِۧمَ فِي رَبِّهِۦٓ﴾
[البقرة: 258]، فالخطاب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وكيف
يكون صلى الله عليه وسلم قد رأى الذي حاج إبراهيم عليه السلام مع أن زمانه متأخر؟
الجواب:
أنه رأى هذا بالوحي الذي أوحى الله إليه، وإلا فإنه لم يشاهده بعينه، وإنما بلغه
ذلك عن طريق الوحي، فآمن به، ورآه رؤية قلبية، وهي رؤية الإيمان بالغيب.
فمعنى:
﴿أَلَمۡ تَرَ﴾:
يعني: قد رأيتَ وعلمتَ أيها الرسول؛ لتُبلِّغ ذلك للناس.
﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبۡرَٰهِۧمَ﴾
[البقرة: 258]؛ ﴿حَآجَّ﴾:
يعني: خاصم إبراهيمَ عليه السلام وجادله في الله عز وجل، إبراهيم عليه السلام
يقول: ﴿رَبِّيَ ٱلَّذِي
يُحۡيِۦ وَيُمِيتُ﴾ [البقرة:
258]، وهذا الطاغوت يقول: ﴿أَنَا۠ أُحۡيِۦ وَأُمِيتُۖ﴾ [البقرة:
258].
وإبراهيم
عليه السلام هو أبو الأنبياء وإمام الحنفاء، بعثه الله في أرض بابل من أرض العراق،
إلى مَلِك جبار وهو النمرود، مُلحد يَكفر بالله عز وجل، فإبراهيم عليه السلام دعاه
إلى الإيمان بربه الذي خلقه، وأعطاه هذا المُلْك؛ ولكن هذا الجبار ينكر ربه عز وجل.
﴿حَآجَّ إِبۡرَٰهِۧمَ فِي رَبِّهِۦٓ﴾ [البقرة: 258]: رَبُّ الجميع، سبحانه وتعالى وهو الله جل وعلا، وهو رب لهذا الجبار الذي أنكره وتكبر عليه، هو ربه رغم أنفه، وهو عبدٌ مهما كان.