×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وقوله: ﴿أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ [البقرة: 258]، أي: بسبب أن آتاه الله الملك تكبر.

الله جل وعلا يؤتي المُلْك مَن يشاء؛ ابتلاءً وامتحانًا، فمَن أحسن في الملك وساس الملك على سياسة الإيمان؛ فهذا ملك صالح. وأما مَن أُعجِب بالمُلْك وطغى على الناس فهذا ملك جبار وملك ظالم وطاغوت؛ كفرعون الذي قال: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ [النازعات: 24]، وهكذا الإنسان، قَلَّ مَن يشكر الله عز وجل ويعترف بنعمته ﴿كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ [العلق: 6، 7]، هذه طبيعة الإنسان.

هذا الملك الجبار لما أعطاه الله الملك ابتلاءً وامتحانًا - طغى به وتكبر وأنكر ربه عز وجل.

فجاءه إبراهيم عليه السلام رسولاً من عند الله يدعوه إلى أن يؤمن بالله، وأن يشكر نعمة الله عليه. والمصلحة له، يدعوه إلى مصلحته، يدعوه إلى الخير، يدعوه إلى الإيمان، وينهاه عن الكفر والجحود؛ نصيحة له.

لكنه عاند وخاصم إبراهيم عليه السلام.

إبراهيم عليه السلام يُثبت وجود الرب سبحانه وتعالى، وهذا الجبار ينكر وجود الرب.

فإبراهيم عليه السلام أقام عليه البرهان بأعظم شيء، وهو إحياء الموتى وإماتة الأحياء، ما أحد يقدر على هذا، ما أحد يقدر أن يحيي الميت وينفخ فيه الروح، ما أحد يقدر أن يحيي النطفة والعلقة والمضغة في بطن الحامل. مَن الذي يقدر على هذا حين يكون الإنسان في بطن أمه؟!

وقبل هذا كَوَّن آدم عليه السلام من تراب، ونفخ فيه من روحه، فقام يتحرك ويمشي وينطق ويتكلم.


الشرح