وكذلك
في بطن الأم، من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة، ثم يرسل إليه المَلَك فينفخ فيه
الروح ليتحرك في بطن أمه ويَكتب ما عليه من القَدَر، شقي أو سعيد، ويَكتب أجله،
ويَكتب عمله، أربع كلمات يكتبها المَلَك على المولود في بطن أمه، ثم يخرج حيًّا
ويمشي ويأخذ ما قَدَّر الله له من العمر على هذه الأرض.
مَن
الذي أحياه أولاً؟ ومَن الذي أماته؟ هو الله عز وجل، هو الذي أوجد فيه الروح فحيي،
وهو الذي يأخذها منه فيموت، ﴿ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا﴾ [الزمر: 42]، فهو الذي يتوفى الإنسان ويميته، لا أحد
يقدر على ذلك إلا الله.
فهذا
من أعظم البراهين على ربوبية الله عز وجل، إحياء الأموات وإماتة الأحياء.
قال:
﴿رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحۡيِۦ
وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: 258].
فهذا
الجبار لجَّ في الجدل العقيم، ولم يجب عن هذه الحجة، وإنما حاد عنها وقال: ﴿أَنَا۠ أُحۡيِۦ وَأُمِيتُۖ﴾
[البقرة: 258]، أنت تقول: إن ربك يحيي ويميت، فأنا أحيي وأميت!! كيف يحيي ويميت؟
بمعنى أنه يأتي باثنين فيقتل واحدًا ويترك الآخر، فيحيي بمعنى أنه يترك قتل
الإنسان، يترك قتله؛ لأن الله ما كتب عليه أن يموت، ﴿وَيُمِيتُ﴾ [البقرة:
258]: يقتل الحي، الله الذي أماته لكن أنت سبب فقط، فالحياة والموت بيد الله.
لكن إبراهيم عليه السلام لم يجبه على هذه المراوغة، وإنما ذهب إلى برهان يقصم ظهره ولا يستطيع أن يراوغه معه، ﴿قَالَ إِبۡرَٰهِۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأۡتِي بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ﴾ [البقرة: 258].