×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 الإنفاق صحيح، ونية المنفق سليمة سالمة من كل العوارض هذه، إلا أنه يكون عنده مظالم للناس لم يؤدها إليهم في هذه الدنيا، فإنهم في يوم القيامة يقتصون من حسناته. ومن ذلك إذا كان له صدقات وله إنفاق وفيه ثواب، لكن يأخذه المظلومون قصاصًا لمظالمهم؛ لأنه لا بد من القصاص إما في الدنيا وإما في الآخرة، فمظالم الناس لا تذهب إلا أن يسامحوا عنها، ويعفوا عنها. أما إذا لم يسامحوا ولم يعفوا عنها فإنها تبقى في ذمة الظالم إلى يوم القيامة، فيقتص لهم منه من حسناته وأعماله الصالحة.

وكذلك مما يُبطل الأعمال: الخاتمة السيئة، فقد يكون الإنسان على عمل صالح في حياته، ثم عند الموت يُختم له بسوء، فتبطل أعماله؛ لأن الأعمال بالخواتيم، «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا» ([1])، يدخل النار فيُختم له بسوء والعياذ بالله، ويموت على خاتمة سيئة تبطل أعماله.

فالإنسان يجب أن يخاف على أعماله من هذه المبطلات، سواء كانت صدقات أو غير صدقات. فالإنسان عليه أن يخاف على أعماله، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ [المؤمنون: 60]، ﴿يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ من الأعمال الصالحات، ﴿وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ [المؤمنون: 60] خائفة من ربهم أنها لا تُقبل منهم لسبب من الأسباب، فهم


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6594)، ومسلم رقم (2643).