×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

يخافون على أعمالهم، هم يخافون على أعمالهم الصالحة أشد مما نخاف نحن من أعمالنا السيئة؛ لمعرفتهم بالله عز وجل؛ لأنهم لا يكمِّلون أنفسهم، ﴿وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ [المؤمنون: 60].

وفي هذه الآية يقول عز وجل: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ [البقرة: 266] وهذا استفهام إنكار بمعنى النفي، أي: لا أحد يود هذا - يعني: يحب هذا - لا أحد يحب ما ذُكر في هذه الآية. فهو استفهام إنكار.

﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ [البقرة: 266] أي: لا يود أحد منكم ﴿أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٞ [البقرة: 266] والجنة هي البستان الذي فيه الأشجار الملتفة التي تخفي ما وراءها. هذه هي الجنة، البستان الذي فيه أشجار ملتفة، إذا وقف الإنسان من ورائها مجتنًّا فيها - يعني: مختفيًا فيها - لا يُرى. ومنه الجنة التي في الآخرة التي أعدها الله للمتقين، سُمِّيت جنة؛ لما فيها من الأشجار الملتفة والخضرة والفواكه العظيمة والأنهار، هذه جنة الآخرة. وكذلك جنة الدنيا، الجنات في الدنيا جنات من نخيل وأعناب، الدنيا فيها جنات، يعني بساتين وحدائق ذات بهجة، بساتين نضرة تَسُر مَن ينظر إليها.

﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٞ مِّن نَّخِيلٖ وَأَعۡنَابٖ [البقرة: 266] شجرتان معروفتان، العنب والنخيل، وخصهما الله بالذكر لأنهما أحسن الأشجار، وأطيب الأشجار ثمرة، يؤكل منهما طريين، ويؤكل منهما مجفَّفين فالنخيل والأعناب هما أحسن الأشجار إنتاجًا؛ فلذلك خصهما الله بالذِّكر لأنهما يجففان ويدخران للقوت وللتجارة والبيع والشراء، فهما أحسن الأشجار.


الشرح