×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ [البقرة: 282] خَتَم الآية بالأمر بتقواه. وهذا مُوجَّه للدائن والمَدين والكاتب والشهود، كلٌّ منهم عليه أن يتقي الله جل وعلا، ولا يُخِل بهذه الآداب الشرعية.

ثم قال: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ [البقرة: 282] هذه التعاليم التي في الآية - الكتابة، والإشهاد، والآداب التي ذكرها - كلها من تعليم الله جل وعلا، عَلَّم عباده لمصلحتهم؛ فضلاً منه سبحانه وتعالى.

وقيل: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ [البقرة: 282] قيل: معناه أن التقوى سبب للعلم النافع. فطالب العلم يجب عليه أن يتقي الله في طلب العلم، فإذا اتقى الله عَلَّمه الله، فالتقوى سبب لنيل العلم، كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا [الأنفال: 29]، أي: علمًا تُميِّزون به بين الحق والباطل، والهدى والضلال. فالتقوى سبب لكل خير، تقوى الله سبب لكل خير.

﴿وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ [البقرة: 282] الله جل وعلا بكل شيء عليم، لا يخفى عليه شيء من تصرفاتكم ومن إخلالكم بهذه الأمور، فإن الله يعلم ما يقع منكم من النيات والتصرفات والتفريط، كله يَعْلمه الله سبحانه وتعالى.

﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ [البقرة: 282] أيضًا هذا فيه الترغيب في العلم؛ لأن مَن اتقى الله عَلَّمه الله من علمه ﴿وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ [البقرة: 282] فالعلم كله من الله سبحانه وتعالى، لا أحد يأخذ العلم بقوته ولا بذكائه ولا بنسبه؛ وإنما العلم منَّة من الله جل وعلا يمنُّ بها عليه، فالعلم منة ونعمة من الله سبحانه وتعالى. والله أعلم.

وصَلَّى الله وسَلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

*****


الشرح