×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ هذا على أن المراد إذا كان الضرر واقعًا على الكاتب والشهيد، فهو ممنوع.

وقيل: ﴿وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ: أي أن الكاتب لا يقع عليه ضرر، والشهيد لا يقع عليه ضرر. فإذا كان عليه ضرر من الكتابة أو من الشهادة، فإنه يعفى من الكتابة ويعفى من الشهادة؛ لأن درء المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح.

فقوله: ﴿وَلَا يُضَآرَّ هذا محتمل، ويُسمُّون هذا «من المجمل في الألفاظ»، ويسميه الأصوليون «من المجمل اللفظي».

﴿وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ [البقرة: 282] يحتمل أن الضرر يقع من الكاتب والشهيد على غيرهما. ويحتمل أن الضرر يقع على الكاتب والشهيد من غيرهما. والآية عامة لهذا وهذا، لا مضارة. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» ([1]).

﴿وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ أي: شاهد.

ثم قال: ﴿وَإِن تَفۡعَلُواْ فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ [البقرة: 282] يعني: إن حصل إضرار للكاتب أو الشهيد، أو إضرار من الكاتب أو الشهيد على أحد الطَّرفين؛ فإن هذا فسوق.

والفسوق هو الخروج عن الطاعة، وقد يكون الفسوق كبيرًا، وقد يكون صغيرًا، فالكفر يسمى فسوقًا، والمعاصي تسمى فسوقًا، المعاصي الكبائر والمعاصي الصغائر كلها تسمى بالفسوق؛ لأن الفسق في اللغة هو الخروج.

فالفسوق هو الخروج عن طاعة الله، ويشمل الفسوق الكبير والفسوق الذي دون ذلك؛ ولهذا قال: ﴿فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ يعني: نوع من الفسوق.


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (2341)، وأحمد رقم (2865).