المَدين: أنا سَدَّدتُ.
ويقول الدائن: لا، أنت ما سَدَّدتَ. يقول المَدين: الدَّين مائة ريال. الدائن
يقول: لا، الدَّين مائة وخمسون. فإذا كان مكتوبًا ومشهودًا عليه، فإنه ينحسم النزاع
نهائيًّا.
ثم
إن الله استثنى مما سبق ﴿إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةٗ تُدِيرُونَهَا بَيۡنَكُمۡ﴾
[البقرة: 282] بيعًا وشراء في الحال ليس فيه تأجيل. هذا ليس بحاجة إلى كتابته؛
لأنه يُتعِب، الإنسان يبيع ويشتري في اليوم كم مرة؟ ربما مرات كثيرة، ليس في كل
مرة يُحضِر شهودًا ويَكتب؛ لأن هذا لا يحتاج، ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78].
فالبيع
والشراء الحاضران لا يحتاجان إلى كتابة. أما الإشهاد فحسن؛ ولهذا قال: ﴿وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا
تَبَايَعۡتُمۡۚ﴾ [البقرة: 282]، سواء كان
بيعًا حاضرًا أو مُؤجَّلاً، فالإشهاد لا يُكلِّف، وفيه أيضًا أمان من الضياع ومن
النزاع.
﴿إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةٗ تُدِيرُونَهَا بَيۡنَكُمۡ﴾
[البقرة: 282] بيعًا وشراءً في المجلس في اليوم، يعني: تجارة تدور بين الناس، هذه
لا تحتاج كتابة؛ لأنها ليست مؤجَّلة.
﴿أَلَّا تَرۡتَابُوٓاْ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةٗ تُدِيرُونَهَا بَيۡنَكُمۡ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ﴾ [البقرة: 282] أي: حرج. ﴿أَلَّا تَكۡتُبُوهَاۗ﴾
[البقرة: 282] فالكتابة للحاضر غير مأمور بها؛ لأنها لا فائدة منها، ولأنها
تكلُّف. أما الإشهاد فلا، الإشهاد يَشهد على الحاضر وعلى الماضي؛ ولهذا قال: ﴿وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا
تَبَايَعۡتُمۡۚ﴾ [البقرة: 282].
ثم إنه سبحانه وتعالى قال: ﴿وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٞ وَلَا شَهِيدٞۚ﴾ [البقرة: 282] الإضرار ممنوع، فلا يجوز للكاتب أن يضار المشهود عليه أو المشهود له؛ بل يجب عليه أن يؤدي الشهادة كما تَحمَّلها، ولا يَحْمِله الهوى أو المحاباة على أن يُغيِّر في الشهادة ليضرَّ أحد الطرفين.