وهذا
التوثيق ذَكَر الله له ثلاثة أنواع: النوع الأول: الكتابة. النوع الثاني: الإشهاد
عليه. النوع الثالث: أَخْذ الرِّهان أو الرُّهون عليه. هذه أنواع من التوثيق
للديون مما يدل على أهمية هذا المال والنهي عن إضاعته؛ لأن المال فيه مصالح عظيمة
للفرد والمجتمع.
وأيضًا:
في هذا التوثيق قَطْع للنزاع بين الناس، وضمان للحقوق، ونفي للظلم، وإراحة للحاكم
والمحكوم. فيا لها من آية عظيمة!!
والمناسبة
بينها وبين الآيات التي قبلها - والله أعلم - أنه لما
كانت الآيات التي قبلها في ديون الربا المحرم، فقد لَعَن النبي صلى الله عليه وسلم
آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. ثم بعد آيات الربا جاءت هذه الآية؛ لبيان
الديون المباحة وما ينبغي أن يُتخَذ نحوها؛ لأنه ليس كل الديون محرمة.
والأصل
في المعاملات الحِل إلا ما دل الدليل على تحريمه، فقد دل الدليل على تحريم ديون
الربا، فيبقى ما عدا ديون الربا من الديون مباحًا. وحاجة الناس تدعو إلى ذلك عند
تعاملهم فيما بينهم.
قال
تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ﴾
[البقرة: 282] هذا خطاب من الله للمؤمنين؛ لأنهم هم الذين يمتثلون أوامر الله
سبحانه وتعالى. فالإيمان يقتضي امتثال أوامر الله، وتَرْك ما نهى الله عنه، هذا هو
مقتضى الإيمان. وأما الكافر فإنه لا يبالي بنداء الله ولا يبالي بالحلال والحرام.
إنما هذا النداء خاص بالمؤمنين بالله ورسوله.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ﴾ [البقرة: 282] الدَّين ضد الحق الحاضر، أما الحقوق
المُؤجَّلة فهذه تسمى بالدَّين.
﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ﴾ فدلَّ على حِل الدَّين وجوازه إذا خلا من الربا، وخلا من الغش والكذب، وخلا من الجهالة والغرر، فإن الدَّين حلال.