×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى [البقرة: 282] الدَّين لا يكون إلا إلى أجل طويل أو قصير. ولكن الفائدة في كونه مُسمًّى، فلا بد أن يكون الأجل مُحدَّدًا مُبيَّنًا غايته ونهايته.

وأما المُؤجَّل الذي لم يُحدَّد فإنه لا يجوز ولا يصح. وقد قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يداينون في الثمار السَّنة والسنتين، فأقرَّهم على ذلك، وقال: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَليُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ([1]).

هذا هو الأجل المُسمَّى المعلوم المُحدَّد، فالتأجيل الذي لا يُحدَّد لا يصح.

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ يشمل دَين السَّلَم، وهو تعجيل الثمن وتأجيل المُثمَّن؛ كالسَّلَم في الثمار والحبوب والمصنوعات. يُقدَّم الثمن في المجلس، وأما السِّلعة أو المُثمَّن فيكون مُؤجَّلاً. هذا هو دين السَّلَم، أي: السَّلَف.

ويشمل دَين القرض، فإذا أقرضت أحدًا مبلغًا من المال، فإنك تكتبه وتُشْهِد عليه لأجل الضبط. والقرض لا يتأجل، القرض لا يُؤجَّل بل يكون بحَسَب يُسْر المُقترِض، متى ما أيسر يَرُده ولو بعد يوم أو بعد سنة أو بعد شهر.

القرض ليس له أجل ولا يُؤجَّل، ولكن يُكتب ويُوثَّق لئلا يضيع.

ويشمل كذلك ثمن السلعة المُؤجَّل، فإذا بعتَ سلعة بثمن مُؤجَّل فاكتبه وبَيِّن أجله؛ لأن البيع على قسمين: حَالٍّ ومُؤجَّل. والحالُّ سيأتي في آخر الآية الكريمة. وهنا الثمن المُؤجَّل، فيُكتب ويُبيَّن أجله.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري (2240)، ومسلم رقم (1604).