×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وفي هذا دليل على جواز البيع بالتأجيل مع زيادة في الثمن؛ لأن التأجيل يقتضي الزيادة، وإلا لم يُؤجِّل صاحب السلعة، فلا بد أن يكون بيعها مُؤجَّلاً أكثر من بيعها حالًّا. وهذا جائز، ويشمله قوله تعالى: ﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ [البقرة: 282].

والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى بالأجل، اشترى طعامًا لأهله إلى أجل، ورَهَن صلى الله عليه وسلم درعه، ومات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند صاحب الدَّين.

فدل هذا على جواز البيع بالأجل مع الزيادة، وليس هذا من الربا كما يَتوهم بعض طلبة العلم، هذا فَعَله الرسول صلى الله عليه وسلم، وتشمله الآية ﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ، فينبغي التنبه لهذا؛ لأن بعض طلبة العلم وغير المتمكِّنين في الفقه يُحرِّمون بيع السلعة إلى أجل مع زيادة. يقولون: الزيادة هذه ربا. لأنهم لا يفهمون الربا، ولا يُفرِّقون بين البيع وبين الربا، فهذا من باب التنبيه على هذه المسألة.

ويشمل الإجارة، الإجارة أيضًا دَين في ذمة المستأجر، استأجر منك دكانًا، بيتًا، سيارة - مدة سنة، مدة سنتين، مدة ثلاث سنين أو أكثر أو أقل، فلابد أن يُكتب العقد، عقد الإجارة، يُبيِّن مقدارها ويُبيِّن مدة الإجارة، ويُشهد على ذلك؛ من أجل قطع النزاع وضياع الحقوق.

﴿إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى فَٱكۡتُبُوهُۚ [البقرة: 282] اكتبوه، وَثِّقوه بالكتابة.

فالكتابة نعمة من الله سبحانه وتعالى مَنَّ بها على عباده، يَكتبون بها أمورهم، يَكتبون بها العلم ومسائل العلم والمؤلفات، ويكتبون بها الدُّيون، ويكتبون بها التاريخ، ويكتبون بها جميع شئونهم. فالكتابة نعمة من الله عَلَّمها عباده، ﴿ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ [العلق: 4، 5].


الشرح