«أَتُرِيدُونَ أَنْ
تَقُولُوا كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا. قُولُوا:
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا» ([1])،
فأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: «سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا». وألاَّ
يكون عندهم توقُّف نحو ما أنزل الله عز وجل؛ لأنهم عبيدٌ يخضعون لأوامر الله
سبحانه وتعالى دون أيَّما اعتراض أو إشكال.
هذا
هو شأن العبد مع ربه سبحانه وتعالى: أنه يخضع لأوامره ونواهيه مهما كانت؛ لأنها
صادرة مِنْ ربه سبحانه وتعالى، فقالوا: سمعنا وأطعنا؛ استجابة لأمر الرسول صلى
الله عليه وسلم، فلما قالوها وذلَّت بها ألسنتهم، أنزل الله قوله تعالى: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ
أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ
وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ
رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ﴾
[البقرة: 285]. سلَّموا الأمر لله سبحانه وتعالى، وقالوا: سمعنا وأطعنا. على ما في
الآية مِنْ صعوبة. لم يسعهم إلا أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.
ولا
شكَّ أنَّ هذه الآيةَ أنزلها الله امتحانًا لهم؛ ليظهر بذلك قوَّةُ إيمانهم وصدقُ
يقينهم وتسليمهم لأمر الله سبحانه وتعالى.
وهذا شأن المؤمنين أنَّهم يقولون: سمعنا وأطعنا. إذا صدر أمرٌ من الله أو أمرٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نهي؛ فإن المؤمن يقول: سمعنا وأطعنا. ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا﴾ [الأحزاب: 36]، فلما قالوها واستسلموا وظهر صدقهم وإيمانهم؛ أنزل الله هذه الآية: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286].
([1])أخرجه: مسلم رقم (125).