الرسالة
اختيار من الله، ولا تدرك بالكسب والتطلع إليها، كما قال عز وجل:
﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ
يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾ [الأنعام:
124]. فهو يختار للرسالة مَن يصلح لها، وهو أعلم بمن يصلح لها، فهي منحة من الله
عز وجل، يختار لها مَن يعلم سبحانه أنه يقوم بها من عباده.
وإرسال
الرسل نعمة من الله عز وجل على البشرية؛ لأن الرسل
يَهدونهم إلى الطريق الصحيح، ولو تُرِكت البشرية بدون رسل لضلت، الله جل وعلا من
رحمته وحكمته أنه يرسل الرسل إلى البشرية؛ لهدايتها إلى الصراط المستقيم، وإقامة
الحُجَّة على الخلق؛ ﴿أَن
تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [المائدة:
19]، فلا يحتج أحد يوم القيامة على الله بأنه ما جاءه رسول يُبيِّن له، كما قال
سبحانه وتعالى: ﴿رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى
ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ﴾ [النساء:
165].
والرسل
- عليهم الصلاة والسلام - بَلَّغوا البلاغ المبين، ولم يتركوا لأحد حُجة.
والرسل
جمع رسول، وهو مَن أُوحِي إليه بشرع وأُمِر بتبليغه.
وأما
النبي فهو أخص من الرسول، فالرسول أعم، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً.
النبي يبعثه الله بشريعة رسول قبله، لا يوحي إليه بشريعة مستقلة، بل إن الله يَبعث الأنبياء بشرائع الرسل الذين سبقوهم، يَخلفونهم؛ كأنبياء بني إسرائيل، فإنهم بُعثوا بالتوراة الَّتي أنزلها الله على موسى عليه السلام، فهم أنبياء وليسوا رسلاً، إلا عيسى عليه السلام فإنه رسول لأن الله أنزل عليه الإنجيل.