ومِن
آخِر مَن ذَكَره الله في آخر هذه السورة من الأمم السابقة - فرعون وقومه.
وفرعون
هو مَلِك مصر، هذا اللقب يُلقَّب به كل مَن مَلَك مصر في ذلك الزمان.
وكان
قد بلغ من الكفر والطغيان ما لم يبلغه غيره، وقال: ﴿فَقَالَ أَنَا۠
رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ﴾
[النازعات: 24]، وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ
إِلَٰهٍ غَيۡرِي﴾ [القصص:
38]، فادعى الربوبية، وأنكر ربوبية الله عز وجل في الظاهر، وإلا ففي الباطن فهو
يعلم أن الله هو رب العالمين، ويَعلم عجزه ونقصه، وأنه ليس ربًّا لهؤلاء، وإنما
هذا من باب المكابرة والطغيان.
هذا
من ناحية ما فَعَله في التوحيد والعقيدة.
أما
من ناحية ما فعله ببني إسرائيل - وهم ذرية يعقوب عليه السلام، فهم من ذرية
الأنبياء، وفيهم المؤمنون الصادقون - فهو تَسَلَّط عليهم، ورَفَع قومه من القبط
ومَكَّنهم، وأذل بني إسرائيل، إلى حد أنه كان يُقتِّل أبناءهم ويستحيي نساءهم.
فعند
ذلك أرسل الله إليه موسى وهارون عليهما السلام، وهما من بني إسرائيل، أرسلهما
إليه؛ لأن موسى عليه السلام طَلَب من ربه ذلك، فأجاب الله دعوته، وآزره بأخيه
هارون.
فجاءا
إلى فرعون، وبَلَّغاه رسالة الله عز وجل، وأن يتخلى عن ظلم هؤلاء المستضعفين!
فأخذته العزة بالإثم واستكبر، وتَوَعَّد موسى وهارون، وحصلت جَوْلات بينه وبين موسى وهارون عليهما السلام، فظهر فيها كذبه وافتضح أمره، ولكن ذلك لم يزده إلاَّ عتوًا وجبروتًا.