ورحم الله الإمام
مالكًا حيث يقول: «لا يُصلحُ آخرَ هذه الأمةِ إلَّا ما أصلحَ أوَّلَهَا».
وما امتازت هذه
الأمة على غيرها منَ الأمم إلاَّ بقيامها بالإصلاح والدعوة إلى الله: ﴿كُنتُمۡ
خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ
عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ﴾ [آل عمران: 110]، ﴿وَلۡتَكُن
مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104].
الشيخ محمد بن عبد
الوهاب و «كتاب التَّوحيد»:
هو الإمام العلامة،
والمجاهد الصابر، والداعي إلى الله على بصيرة، والمجدد لدين الله في القرن الثاني
عشر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ الشيخ: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان
المُشَرَّفي التميمي النجدي.
ولد في العُيينةِ
سنة 1115هـ، ونشأ في بيت علم ورئاسة وشرف؛ فأبوه عبد الوهاب كان فقيهًا قاضيًا،
وجدُّه سليمانُ كان مفتيَ بلادِ نجدٍ ورئيسَ علمائِها، وأعمامُه وأبناءُ أعمامِه
كانوا أهلَ رفعة وعلم ومكانة، كانت بلدته العُيينَة وما جاورها من بلاد نجد تعُجُّ
بالعلماء، الذين كانوا على صِلَة وثيقة بعلماء الحنابلة في الشام وفلسطين وغيرها.
حفظ الشيخُ محمدُ
القرآن صغيرًا، وقرأ الفقه والتفسير والحديث على أبيه وعلماء بلده، حتى ألمَّ بما
عندهم في وقت يسير، مع التروِّي والمناقشة والتدقيق، حتى أعجب به والده ومشايخه
وزملاؤه.
ثم تطلع إلى المزيد
من العلم فأقبل على كتاب الله وتفسيره قراءة وتدبُّرًا واستنباطًا، وعلى سنة
الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرتِه، واستنتجَ منهما
الصفحة 1 / 619