باب قول
الله تعالى: ﴿إِنَّكَ
لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾[القصص: 56] الآية.
****
غرض المصنِّف رحمه الله من عقد هذا الباب: الردُّ على الذين غلو في النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى المشركين الذين يتعلَّقون بالأولياء والصالحين، يدعونهم من دون الله، ويستغيثون بهم؛ لأنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يملك لعمه أبي طالب شيئًا، وأنه نُهي عن الاستغفار له، ففي حق غير النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، فدلَّ ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم لا يُدعى من دون الله، ولا يُطلب منه شيء من الأمور التي لا يقدر عليها إلَّا الله؛ لأنَّه لم يملك هذا لعمه أبي طالب مع حرصه على نفعه، وعاتبه الله بقوله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾، وبقوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [التوبة: 113]، فإذا كان هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الخلق، دلَّ على أنه لا يُدعى من دون الله، ولا يُطلب منه شيء من الأمور التي لا يقدر عليها إلَّا الله، فغيره من باب أولى من الأولياء، والصالحين، وأصحاب الأضرحة، مهما بلغوا من الصلاح، ومهما بلغوا من المكانة في الدين، فإنهم لا يُطلب منهم إلَّا ما يقدرون عليه من أمور الدنيا، إذا كانوا على قيد الحياة، أما أمور الهداية، وأمور قضاء الحاجات التي لا يقدر عليها إلَّا الله من شفاء المرضى، وإنزال المطر، وجلب الأرزاق، وإعطاء الأولاد، هذا كله لا يُطلب إلاَّ من الله سبحانه وتعالى ولا يطلب من غير الله، لا من نبي،
الصفحة 1 / 619