بابٌ من
الشرك الاستعاذة بغير الله
****
وهذا كالأبواب التي قبله في بيان أنواع الشرك
التي يمارسها بعض الناس في مختلف الأزمان، ولا تزال تُمارس عند كثير من الناس.
والاستعاذة معناها:
الاعتصام والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى في دفع المكروه والشرور.
وهو نوع من أنواع العبادة؛ لأن دفع الضرر، ودفع الشرور لا يقدر عليه إلاَّ الله سبحانه وتعالى فكل ما لا يقدر عليه إلاَّ الله فإنه لا يُطلب إلاَّ من الله، فإن طُلب من غيره كان ذلك شركًا، هذا وجه كون الاستعاذة بغير الله من الشرك؛ لأن الاستعاذة عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك، لماذا كانت عبادة؟ لأنها طلب دفع الضرر الذي لا يقدر على دفعه إلاَّ الله، وطلب ما لا يقدر عليه إلاَّ الله من غير الله شرك، ولأن الله تعالى أمر بالاستعاذة به دون غيره، قال - تعالى - في آيات من القرآن: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ﴾ [فصلت: 36]، وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ﴾ [الفلق: 1]، ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ﴾ [الناس: 1]، كما أنه - سبحانه - بيَّن أن الاستعاذة بغيره من الشرك وذلك في سورة الجن: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا﴾ [الجن: 6]، وفي سورة الأنعام: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم
الصفحة 1 / 619