بابُ
الشفاعة
****
قال الشيخ الإمام رحمه الله: «باب الشفاعة» الشفاعة معناها:
التوسط في قضاء حاجة المحتاج لدى من هي عنده، سميت بذلك لأن طالب الحاجة كان
منفردًا في الأول، ثمَّ لما انضم إليه الشافع صار شفعًا؛ لأن الشفع ضد الوَتر.
فلما كان طالب الحاجة منفردًا، ثمَّ انضم إليه الواسطة شفعه في الطلب، ولذلك سمِّي
شافعًا، وسمِّي هذا العمل شفاعة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ﴾ [النساء: 85] فالذي يشفع عند
السلاطين أو عند الأغنياء أو عند غيرهم لقضاء حاجة المحتاجين يعتبر عمله شفاعة
طيبة يؤجر عليها، قال صلى الله عليه وسلم: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي
اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ» ([1]).
أما إذا كانت الشفاعة في أمر محرَّم، فهذه شفاعة سيئة، كالذي يشفع عند السلطان في تعطيل الحدود، إذا وجب الحد على شخص شفع عنده ليسقط الحد عنه، هذه شفاعة سيئة، ولهذا لما تقرر الحد على امرأة من بني مخزوم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانت تستعير المتاع وتجحده، شقَّ على أهلها وذويها قطع يدها، تراجعوا بمن يشفع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقرَّر رأيُهم أن يطلبوا من أسامة بنِ زيد رضي الله عنه حِبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حِبَّه، ليشفع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك قطع يد هذه المرأة؛ فكلم أسامة
الصفحة 1 / 619