×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الأول

رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، وتغيَّظ على أسامة رضي الله عنه وقال له: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟ وَايْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ([1]) وَقَالَ: «إِذَا بَلَغَتِ الْحُدُودُ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ» ([2]).

والحاصل؛ أن هذا تعريف الشفاعة، وانقسامها إلى شفاعة حسنة وشفاعة سيئة، هذا فيما بين النَّاس، والمراد هنا: الشفاعة عند الله تعالى.

ومراد المصنف رحمه الله من هذا الباب: أنه لما كان المشركون قديمًا وحديثًا يعبدون من دون الله الأصنام والأشجار والأحجار والقبور والأضرحة والأولياء والصالحين والملائكة والأنبياء، فإذا أنكر عليهم ذلك قالوا: ﴿هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، نحن نعلم أنهم مخلوقون، وأن الأمر بيد الله، ولكن هؤلاء لهم مكانة عند الله، ونريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله. فيذبحون للأولياء والصالحين والأشجار والأحجار، ويستغيثون بهم، ويصرفون لهم أنواع العبادة، فإذا أنكر عليهم قالوا: غرضنا من ذلك هو الشفاعة فقط. فبين الله أن ذلك هو الشرك، وأن تلك هي عبادة غير الله؛ فقال - تعالى -: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، يقولون: نحن نعلم أنهم مخلوقون، وأنهم ليس لهم من الأمر شيء، ولكننا فعلنا ذلك من أجل أن يشفعوا لنا عند الله؛ لأن لهم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3288)، ومسلم رقم (1688).

([2])  أخرجه: مالك في «الموطأ»رقم (29)، والدارقطني رقم (364)، والطبراني في «الأوسط» رقم (2284).