ففي هذا دليل على أنه يجب البراءة من المشركين،
وأن من أصول الدعوة إلى الله: البراءة من المشركين، أما الداعية الذي لا يتبرأ من
المشركين، فهذا ليس بداعية، وليس على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وإن زعم أنه
يدعو إلى الله، والكفر بالطاغوت مقدم على الإيمان بالله، كما قال تعالى: ﴿فَمَن
يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ
ٱلۡوُثۡقَىٰ﴾ [البقرة: 256]، فلا بد من البراءة من المشركين، تتبرَّأ من
المشركين، أما الذين يقولون: «ما علينا من عقائد الناس، من دخل في جماعتنا وصار
معنا فهو أخونا، وعقيدته له» هذه ليست دعوة إلى الله عز وجل وإنما هي دعوة إلى
الحزبية والعصبية.
ففي هذه الآية
الكريمة مسائل عظيمة:
المسألة الأولى: أن طريقة النبي صلى
الله عليه وسلم وطريقة أتباعه على الحقيقة: الدَّعوة إلى الله.
المسألة الثانية: أن من لم يدع إلى
الله وهو يستطيع الدعوة إلى الله، فإنه لم يحقق اتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم
بل اتباعه فيه نقص عظيم.
المسألة الثالثة: وهي المسألة التي
نبَّه عليها الشيخ في مسائله: التنبيه على الإخلاص في الدعوة لقوله﴿إِلَى
ٱللَّهِۚ ﴾: فإن بعض الناس إنما يدعو إلى نفسه، فالذي يقصد المدح
والثناء وكثرة الأتباع وكثرة الجماعة وكذا وكذا والفَخْفَخَة، هذا لا يدعو إلى
الله.
المسألة الرابعة: - وهي المسألة
العظيمة -: أن الداعية إلى الله لا بد أن يكون على بصيرة، مؤهَّلاً بالعلم النافع
الذي يستطيع به أن