والشاهد من هذا: أن العُزَّى كانت لأهل مكة، فلما
فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة أرسل إليها خالد بن الوليد فهدمها وقطَّع
الأشجار، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، قال: «لَمْ تَصْنَعْ
شَيْئًا»، فَرَجَعَ خَالِدٌ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ السَّدَنَةُ وَهُمْ
حَجَبَتُهَا أَمْعَنُوا فِي الْجَبَلِ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ،
يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ، فَأَتَاهَا خَالِدٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ
نَاشِرَةٌ شَعَرَهَا، تَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فَعَمَّمَهَا
بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «تِلْكَ الْعُزَّى» ([1]).
والواقع أن المشركين
ليست عبادتهم لهذه الأصنام، وإنما عبادتهم للشياطين، فالشياطين هي التي تُغريهم،
وتدعوهم إلى عبادتها، وهي التي تكلّمهم أحيانًا، ويظنون أن الصنم هو الذي يتكلم،
أو أن الميت هو الذي يتكلم.
أما ﴿وَمَنَوٰةَ﴾ فهي صنم قريب من المدينة، وكانت للأوس والخزرج، ومن قَرُب منهن، وكانوا
يُحْرِمُون من عندها للحج والعمرة.
ولما فتح النبي صلى
الله عليه وسلم مكة أرسل إلى مَنَاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهدمها.
فأين ذهبت هذه
الأصنام؟ لو كانت آلهة لدفعت عن نفسها.
والشاهد من الآية
الكريمة: بطلان التبرُّك بالأشجار والأحجار؛ لأن هذه أشجار وأحجار، ولم تدفع عن
نفسها فضلاً عن أن تدفع عن غيرها.
([1]) أخرجه: أبو يعلى رقم (902).