تضمَّنته المكْتَبةُ
الإِسْلاميَّةُ من الكتُب التي تُنافِح عن هذه الدَّعْوة، إِنَّما قام في وجهها
فئاتٌ من علماء الضَّلال الذين قال فيهم وفي أمثالهم الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم:
«وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الأَْئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ» ([1])، وهؤلاء لا عبرةَ
بهم.
إِنَّ دعوة الشَّيْخ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ رحمه الله وجزاه عن الإِسْلامِ والمسلمين خيرَ
الجزاء تتَرسَّم خُطى دعْوِة الرَّسولِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم: فقد بدَأَ
دعْوتَه بتبصير النَّاس طريقَ الحقِّ، وتصْحيحِ العقيدة بالبيان والتَّعليم،
فلمَّا اجْتمع حولَه تلاميذٌ وأَنْصارٌ اقْتَنَعوا بدعوته؛ طلَب من الأُمَراء من
يحميه ويُناصِره حتَّى يُبلِّغ هذه الدَّعْوةَ إِلَى ما حوله من البلاد؛ كما كان
الرَّسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفْسَه على القبائل؛ يطلب مَن يُؤيِّده حتَّى
يُبلِّغ دعوةَ ربِّه، فلمَّا وَجَد الشَّيْخُ من الأُمَراء من يُساعده؛ جهر
بالدَّعْوة، وكَتَب إِلَى العلماءِ والوُلاَةِ في البُلْدان المُجاورةِ يدعو إِلَى
الله سُبْحانه، ويطلب منهم المُناصرةَ، فاسْتجاب له من اسْتجاب، وعَانَدَ مَن
عَانَدَ، فكان لا بُدَّ من الجِهاد في سبيل الله؛ لإِعْلاء كلمة الله، وتطهيرِ
البلاد من الشِّرْك؛ أُسْوةً برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إِلَى
المَدِينَةِ ووَجَدَ له أَنْصارًا فيها.
وليس في هذا عُنْفٌ
أَوْ غُلُوٌّ أَوْ تعصُّبٌ؛ كما زعمْتَ أَيُّها الأُسْتاذ، بل هو سُنَّةُ الرَّسول
صلى الله عليه وسلم في جهاد من عَانَدَ الحقَّ، وأَصَرَّ على الطُّغْيان بعد
البيان والإِنْذار.
وخِتامًا نقول: يجب على الأُسْتاذ أَنْ يعيدَ النَّظَرَ في كتابه، فيُصفيه من هذه التَّناقضات التي شوَّهتْ جمالَه، وطمستْ معالمَه، ويستقي
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4252).