تعقيباتٌ وملاحظاتٌ على كتاب صَفْوة التَّفاسير
مقدمة الطَّبعةِ الثَّانيةِ:
الحمد لله مُعزِّ
مَن أَطاعه واتَّقاه، ومُذلِّ مَن خالف أَمْرَه وعصاه، والصَّلاةُ والسَّلامُ على
نبيِّنا وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه. وبعد:
فقد اطَّلعْتُ على
مجموعة أوراقٍ سوَّدها الأُسْتاذُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّابونِيِّ يزعم
أَنَّه يُدافع عن كتابِه الموسومِ: «صفوة التَّفاسير» وما فيه من أخطاءٍ علميَّةٍ
استدركْتُ عليه، وكان الأَجْدرُ به أَنْ ينظُر فيها فيقْبَل ما فيها من حقِّ،
فإِنَّ الحقَّ ضالَّةُ المُؤْمِن أَنى وجَده أَخَذه، وما فيها من خطأٍ - إِنْ كان
- فإِنَّه يُبيِّن وجْهةَ نَظَره فيه بإنصافٍ ورِفْقٍ - لكنَّه على النَّقيض من
ذلك - سمى هذه المُلاحظاتِ والإِرْشاداتِ: افْتراءاتٍ! حيث عَنْوَنَ الأَوْراقَ
المذكورةَ بقوله: «كشف الافْتراءات»، وما تصوَّر - هداه الله - ما لهذه
الكلمة «الافتراءات» من معنًى وَخِيمٍ رمى به جماعةٌ من طلبة العلم ليس لهم قصدٌ
فيما لاحظوه عليه إلاَّ المُناصحةُ له والنَّصيحة لكتاب الله، إِنَّ الافْتراءَ
كبيرةٌ من كبائر الذُّنوب، يدُلُّ على عدم إِيْمان مَن اتَّصَف به، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفۡتَرِي
ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
ٱلۡكَٰذِبُونَ﴾ [النحل: 105]، إِنَّ العلماء ما زالوا يُبيِّنون للمُخطِئ خَطَأَه وما
كانوا بذلك مُفترِين، بل كانوا مشكورين. ولم ينقص ذلك من قدر المُخطِئ، إِذَا
قَبِل النُّصح وصحَّح خَطَأَه، أَوْ بيَّن وجهةَ نَظَره بأَدبٍ وحُسنِ ظنِّ بمن
لاحظوا عليه وكُلُّكُم خَطَّاءٌ وَخَيرُ الخَطَّائِينَ التَّوَابُونَ، وقد قال
إمامُ دارِ الهِجْرة مَالِكُ بنُ أَنَسٍ: «كلُّنا رادٍّ ومردودٌ عليه إلاَّ صاحبَ
هذا القبر «يعني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ».
الصفحة 1 / 427