لا تسبوا أصحابي
الحمد لله،
والصَّلاة والسَّلام على رسول الله نبيِّنا محمَّد، وبعد:
فممَّا لا شكَّ فيه
أنَّ صحابة نبيِّنا هم كلُّ من لقي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، ومات
على ذلك.
ومن أصول عقيدة أهل
السُّنَّة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلِّهم؛ كما وصفهم الله بذلك في قوله سبحانه: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي
قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10]،
وطاعةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي،
فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ
ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ» ([1]).
قال الإمام
الشَّوكانيُّ في «تفسيره» على الآية الكريمة: «فمَن لا يستغفر للصَّحابة، ويطلب
رضوان الله عليهم، فقد خالف ما أمر الله به في هذه الآية.
فإن وجد في قلبه غلاً لهم، فقد أصابه نزغٌ من الشَّيطان، وحلَّ به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه، وخير أمَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وانفتح له بابٌ من الخذلان، ما يفد به على نار جهنَّم إن لم يتدارك نفسه باللُّجوء إلى الله - سبحانه - والاستغاثة به؛ بأن ينزعَ من قلبه ما طرقه من الغلِّ لخير القرون، وأشرف هذه الأمَّة.
الصفحة 1 / 427