ثُمَّ إِنَّ
الأُسْتاذَ الصَّابونِيَّ يُطالب باحترام العلماء - وكأَنَّه بهذا يتصوَّر أَنَّ
بيانَ خطأ المُخطِئ فيه تنقيصٌ للعلماء وهذا تصوُّرٌ خاصٌّ به! - وأَيضًا هو لمْ
يلتزمْ بالأَدَب في ردِّه على مُخالفيه؛ حيث وَصَفهم بالتَّطاوُل على النَّاس،
وحُبِّ الظُّهور بمظْهر العلماء، والحسدِ وحُبِّ الشُّهْرة، وأَشَدُّ من ذلك قولُه:
إِنَّهم هم الذين عناهم رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «يَا
مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِْيمَانُ قَلْبَهُ» ([1])، إِلَى غير ذلك من
جُزافِ التُّهَم وهُجْر القول، وما أَظُنُّ هذا يصْدُر إلاَّ ممَّن هذه أَوصافُه
ويظُنُّ النَّاس مِثْلَه، لأَنَّ المِنْظارَ الأَسْودَ يُصوِّر كلَّ الذي أَمَامَه
أَسْودَ.
وَقُلْ لِلْعُيُونِ
الرُّمْدِ لِلشَّمْسِ أَعْيُنٌ *** سِوَاك تَرَاهَا فِي مَغِيبٍ وَمَطْلَعِ
إِنَّ الأُسْتاذَ
الصَّابونِيَّ إِنْ خَدَع نفسه بمثل هذا الأُسْلوبِ، فلا يُمكن أَنْ يخدع
القُرَّاء الذين يطلبون منه أَنْ يقرع الحُجَّةَ بالحُجَّةِ، ولا يقرعها بالسِّباب
والشَّتْمِ لمن خالفه وبيَّن خَطَأَه، لكنَّه لمَّا لمْ يملك حُجَّة يُقارع بها
لَجَأَ لمثْل هذا الأُسْلوبِ الذي لا يعجز عنه أَحدٌ.
إِنَّه مع هذه
المُكابرةِ اعْترف بالخطأ حين قال: ضاقتْ صدور بعض الحاسدين فأَخَذ يتبع
بعض الأَخْطَاء التي لا يسْلَم منها إِنْسانٌ، ولو كان مُخْلِصًا لله في عملِه
وقصدِه، لَكَتَب إِلَيَّ سِرًّا لأَِتَدارك تلك الأَخْطاءَ.
ونحن نقول له: أنت قد طبعت كتابك طبعاتٍ مُتتابعةٍ ووزعتَه على نِطاقٍ واسعٍ بأخْطائِه وهَفَواتِه، ولم تتوقَّفْ عن طباعتِه وتوزيعِه وهو على حاله، رغم أَنَّ هذه المُلاحظاتِ قد وصلت إِلَيك عن طريق رِئاسة البُحوثِ العِلْميَّةِ والإِفْتاءِ والدَّعْوةِ والإِرْشادِ، فلم تعبأْ بها، بل كتبتَ إِلَيَّ
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4880)، وأحمد رقم (19776).