وكلُّ مَنِ اتَّصَلَ
بِهم؛ فإِنَّه يُثْني عليهم، وقد كَتَب المُنْصِفون عنهم الشيءَ الكثيرَ في
تاريخهم الماضي والحاضرِ؛ مِن حسن السِّياسة، وصدْقِ المعاملة، والوفاءِ بالعهود،
والرِّفْقِ بالمسلمين، وأَكْبرُ شاهدٍ على ذلك من يَفِدُ إِلَى مَكَّةَ
المُشرَّفةِ للحجِّ والعُمْرةِ كلَّ عامٍ، وما يُشاهِدونه مِن العِناية بخِدْمة
الحجيج، وبذْلِ المجهود في توفير راحتهم، ممَّا أَطْلَقَ الأَلْسِنةُ والأَقْلامُ
بالثَّناء عليهم وعلى حكومتهم، وكذلك مَن يَفِدُون إِلَى الممْلكةِ للعمل فيها
يشْهد أَكْثرُهم بذلك.
ثانيًا: أَمَّا قول: «حتَّى إِنَّ
أَكْثَرَ النَّاس لَينْفِرون منهم أَشَدَّ النُّفور»؛ فهو مِن أَعْظم الكَذِبِ
وخلافُ الواقع؛ فإِنَّ الدَّعْوةَ التي قاموا بها مِن عهْد الشَّيْخ مُحَمَّدِ بنِ
عَبْدِ الوَهَّابِ رحمه الله إِلَى هذا العهْد - وهي الدَّعْوة إِلى الإِسْلام،
وإِخْلاصِ التَّوحيد، والنَّهْيُ عن الشِّرْك والبِدَعِ والخُرافاتِ - قدْ لاَقَتْ
قبولاً في أَرْجاء العالَم، وانتشرتْ انتشارًا واسعًا في كثيرٍ من الأَقْطار، وما
هو على صعيد الواقع الآن أَكْبَرُ شاهدٍ وأَعْظمُ دليلٍ على ما ذكرْنا.
ويتمثَّل ذلك فيما
تبذله الحكومةُ السعوديَّةُ التي هي حكومةُ الدَّعْوة - أَدَامَ اللهُ بقائَها
وسدَّد خُطاها - بتوجيهٍ من علمائِها ورغْبةٍ مِن حُكَّامها بفتح الجامعات
الإِسْلاميَّةِ التي تُخرِّج الأَفْواجَ الكثيرةَ من أَبْناءِ العالَم
الإِسْلاميِّ على حسابِها.
ويتمثَّل ذلك
أَيْضًا في إِرْسال الدُّعاة إِلَى اللهِ في مختلف أَرْجاءِ العالَم، وفي توزيع
الكُتُب المُفيدةِ، وبذْلِ المعونات السَّخيَّة للمُؤَسَّساتِ الإِسْلاميَّةِ،
ومدِّ يَدِ العَوْنِ للمُعْوِزِين في العالَم الإِسْلاميِّ، وإِقَامةِ
المُؤْتمراتِ والنَّدَواتِ، وبِناءِ المساجد والمراكزِ الإِسْلاميَّةِ؛ لِتَبْصير
المسلمين بدِينهم، ممَّا كان له أَعْظمُ الأَثَر والقَبولُ الحَسَنُ -والحمد لله-.