فهذه الجملة الَّتي
نقلها هو عن السُّيوطيِّ تحدِّد معنى التَّفويض، لكن السُّيوطيُّ أخطأ في نسبة هذا
المذهب إلى السَّلف، وأهل السُّنَّة والحديث؛ لأنَّ هذا مذهب بعض الخلف.
أمَّا السَّلف فكما
نقل فضيلته أيضًا عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة من قوله: «ما أخبر به الرَّبُّ عن
نفسه؛ مثل استوائه على عرشه، وسمعه، وبصره، وكلامه، وغير ذلك؛ فإنَّ كيفيَّات ذلك
لا يعلمها إلاَّ الله؛ كما قال ربيعة بن [أبي] عبد الرَّحمن، ومالك بن أنس، وسائر
أهل العلم، وكذلك سائر السَّلف؛ كابن الماجشون، وأحمد بن حنبل، وغيرهما؛ يبيِّنون
أنَّ العباد لا يعلمون كيفيَّة ما أخبر الله به عن نفسه؛ فالكيف هو التَّأويل
الَّذي لا يعلمه إلاَّ الله، وأمَّا نفس المعنى الَّذي بيَّنه الله، فيعلمه
النَّاس، كلٌّ على قدر فهمه؛ فإنَّهم يفهمون معنى السَّمع، ومعنى البصر، وأنَّ
مفهوم هذا ليس مفهوم هذا، ويعرفون الفَرْقَ بينهما».
فهذا النَّقل الَّذي
نقله فضيلته عن شيخ الإسلام يحدِّد بدقَّة مذهب السَّلف في الصِّفات، وأنَّهم
يعلمون معانيها، ويؤمنون بها، ولا يفوِّضونها، بل يثبتونها على حقيقتها اللاَّئقة
بجلال الله.
ومن العجيب أنَّه
جمع بين هذين النَّقلين المتضادَّين عن السُّيوطيِّ، وعن تقيِّ الدِّين، ولم
يتنبَّه لذلك!! وليس هذا شأن الباحث.
2- ما نقله فضيلته
عن الشَّيخ ناصر الدِّين الألبانيِّ؛ أنَّه علَّق على قول شارح الطَّحاويَّة: «ليس
المُرَادُ من إحاطته بخلقه أنَّه كالفَلَكِ، وأنَّ المَخْلُوقَاتِ دَاخِلُ ذَاتِهِ
المقدَّسَة»، حيث قال الألبانيُّ: «وهو من التَّأويل الَّذي ينقمه الشَّارح، مع
أنَّه لا بدَّ منه أحيانًا...».