كثيرٌ مِن الناس لا يعرفون
هذا الشهر إِلا أَنه شهرٌ لتنويع المآكل والمشارب؛ فيبالغُون في إِعطاءِ نفوسِهم
ما تشتهي، ويُكثرون من شراء الكماليات من الأَطعمة والأَشربة، ومعلومٌ أَنَّ
الإِكثار من المآكل والمشارب يُكسِّل عن الطاعة، والمطلوب مِن المسلم أَن يقلِّل
من الطعام والشراب حتى ينشطَ للطاعة.
وبعضٌ من الناس لا
يعرف شهر رمضان إِلاَّ أَنه شهرُ النومِ في النهار والسَّهر في الليل على ما لا
فائدة فيه أَو ما فيه مضرَّة، فيسهر معظم ليلِه أَو كلِّه ثم ينام النهارَ حتى عن
الصلوات المفروضة، فلا يصلي مع الجماعة ولا في أَوقات الصلوات، وفئةٌ من الناس تجلس
على مائدةِ الإِفطار وتترك صلاة المغربِ مع الجماعة، هذه الفئاتُ مِن الناس لا
تعرف لشهر رمضان قيمةً، ولا تتورع عن انتهاك حرمته بالسهر الحرام، وترك الواجباتِ
وفِعل المحرماتِ.
وإلى جانب هؤلاءِ
جماعةٌ لا يعرفون شهر رمضانَ إِلاَّ مَوسمًا للتجارةِ وعرْضِ السَّلَع وطلبِ
الدنيا العاجلة؛ فيَنشطون على البيع والشراء، فيلازمون الأَسواق ويهجرون المساجد،
وإن ذهبوا إلى المساجد فهم على عجلٍ ومَضضٍ لا يستقرُّون فيها؛ لأَنَّ قرَّة
أَعينهم في الأَسواق.
وصِنفٌ آخر مِن
الناس لا يعرِف شهرَ رمضانَ إِلا أَنه وقتٌ للتَّسول في المساجدِ والشوارع،
فيُمْضِي معظمَ أَوقاتِه بين ذهابٍ وإِيابٍ وتجوالٍ هنا وهناك، وانتقالٍ مِن بلد
إِلى بلد لجمع المال عن طريق السؤال، وإِظهار نفسِه بمظهر المحتاج وهو غني، وبمظهر
المصابِ في جسمِه وهو سليم؛ يجحد نعمة الله عليه بالغنى والصِّحة، ويأْخذ المال بغير
حقِّه، ويضَيِّع وقتَه الغالي فيما هو مضرة عليه، فما بقي لرمضان من مزية عند هذه
الفئات.