عباد الله، لقد كان
النَّبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في هذا الشهر أَكثر مما يجتهد في غيرِه، وإِن
كان مجدًّا في العبادة في جميع أَوقاته، فكان يتفرَّغ في هذا الشهر مِن كثير من
المشاغل التي هي في الحقيقةِ عبادةٌ، لكنه يتفرغ من العمل الفاضل لما هو أَفضل
مِنه، وكان السَّلف الصَّالح يقتدون به في ذلك؛ فيخصُّون هذا الشهر بمزيد اهتمامٍ،
ويتفرغون فيه للأَعمال الصَّالحة، ويعمِّرون ليلَه بالتهجُّد ونهارَه بالصيام
والذِّكر وتلاوة القرآن، ويعمرون المسَّاجد بذلك.
فلنقارن بين حالنا
وحالهم وما هو مبلغ شعورنا بهذا الشهر، ولنعلمْ أَنه كما تُضاعف فيه الحسنات،
فإِنَّها أَيضًا تَغْلُظ السَّيئاتُ فيه وتَعْظُم عقوبتُها، فلنتقِ الله سبحانه
ونعظمْ حرُمَاتِه: ﴿وَمَن
يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ﴾ [الحج: 30].
وفَّق الله الجميع
لصالح القول والعمل، وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه وسلم.
****
الصفحة 3 / 112