يجب فيه الصوم، فإِذا فات جزءٌ من النهار لم
توجد فيه النية؛ لم يصح صوم جميع اليوم، لأَن النية لا تنعطف على الماضي.
والنيةُ في جميع
العبادات مَحلَّها القلب، ولا يجوز التلفظ بها، لأَن ذلك لم يردْ عنِ النبي صلى
الله عليه وسلم، ولا عن أَصحابه أَنهم كانوا يقولون: نَويْتُ أَن أَصوم. نويتُ أَن
أُصلِّي. وغير ذلك. فالتَّلفظ بها بدعةٌ مُحدَثَةٌ، ويكفي في النية الأَكل والشرب
بنية الصوم.
قال الشيخ تقيُّ
الدِّين ابنُ تيْميَّةَ رحمه الله: «هو حين يتعشَّى يتعشَّى عشاءَ مَن يريد الصوم،
ولهذا يُفرَّق بين عشاءِ ليلة العيدِ وعشاءِ ليالي رمضان...». وقال أَيضًا «كلُّ
مَن علِم أَن غدًا مِن رمضانَ وهو يريد صومَه فقد نَوى، وهو فِعْلُ عامَّة
المسلمين...» انتهى.
وأَما صوم النَّفل
فإنه يصح بنيةٍ مِن النهار، بشرط أَلا يوجد منافٍ للصوم فيما بين طلوع الفجر
ونيَّتِه من أَكلٍ وغيره؛ لقولِ عَائشَةَ رضي الله عنها: «دَخَلَ عليَّ
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَال: هَلْ عِنْدَكُم مِنْ شَيءٍ؟
فَقُلْنَا: لا. قَالَ: فَإِنَّي إِذَنْ صَائمٌ» ([1]). رواه الجماعةُ
إِلا البُخارِي.
فدل طلبُه للأَكل على أَنه لم يكن نَوى الصيام قبل ذلك، ودل قولُه: «فإِنِّي إِذَنْ صَائمٌ» على ابتداء النية من النهار؛ فدل على صحة نية صوم النفل من النهار، فيكون ذلك مُخِصِّصًا لحديث: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ فَلا صِيَامَ لَهُ» وما ورد بمعناه، بأَن - ذلك خاصٌّ بالفرض دون النفل، وذلك بشرط أَن يفعل قبل النية ما يفطره اقتصارًا على مقتضى الدليل.
([1])أخرجه : مسلم رقم (1076).