16- مُفسِدَاتُ الصَّومِ
الحمد لله وحدَه،
والصَّلاة والسَّلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه؛ وبعد:
فالنَّوع الرَّابع
مِن المفطِّرات: استخراج الدم مِن الصائم بحجامةٍ أَو فَصْدٍ أَو سَحْبٍ للتَّبرُّعِ به،
أَو لإِسعاف مريضٍ، ونحو ذلك؛ والأَصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحجامة:
«أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمحْجُوُمُ» ([1]). وقد وردتْ بمعناه
أَحاديث كثيرةٌ، قال ابنُ خُزَيِمَةَ: «ثبتتِ الأَخبارُ عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بذلك».
وقال شيخ الإِسلام ابنُ تيْميَّةَ رحمه الله: «والقول بأَنَّ الحجامةَ تُفْطِر مذهبُ أَكثرِ فقهاءِ الحديث: كَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهَوَيْه، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَابنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ؛ وأَهلُ الحديث الفقهاءُ فيه العالمون به أَخصُّ النَّاس باتباع محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وهو وَفْق الأُصولِ والقِياسِ، والذين لم يروْه احتجوا بما في «صَحيحِ البُخَاريِّ» أَنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائمٌ مُحرِمٌ، وأَحمد وغيرُه طعنوا في الزِّيادة، وهي قوله: «وهُو صَائمٌ»، وقالوا: الثابتُ أَنَّه احتجم وهو مُحرِمٌ، قال أَحمدُ: «وهَو صَائمٌ» ليس بصحيح - إِلى أَن قال الشيخ: «... وهذا الذي ذكره أَحمد هو الذي اتفق عليه الشَّيخَان، ولهذا أَعرض مُسلِمٌ عنه ولم يثبت إِلا حجامةَ المحْرِمْ». انتهى كلامُ الشيخ رحمه الله.
الصفحة 1 / 112