17- في بيان الأَحكامِ المتعلِّقَةِ بقضَاءِ الصَّومِ
الحمد لله ربَّ
العالمين، شرع فيسَّر: ﴿وَمَا
جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ﴾ [الحج: 78]، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأَصحابه
وأَتباعه إِلى يوم الدين؛ أَما بعد:
اعلموا أَنه يجب
عليكم معرفةُ أَحكام القضاءِ في حقِّ مَن أَفطر في نهار رمضانَ لعذرٍ مِن الأَعذار
الشرعيَّةِ، - قال الله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ
وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ﴾ [البقرة: 185].
ففي هاتين الآيتين
الكريمتين رخَّص الله بالإِفطار في رمضانَ للمريضِ والمسافرِ، وأَوجب عليهما
القضاءُ إِذا أَخذا بالرُّخصةِ فأَفطرا، بأَن يصوما عددَ الأَيام التي أَفطراها
مِن شهرٍ آخرَ، وإِن صاما رمضانَ ولم يأْخُذا بالرُّخصة؛ فصومُهما صحيحٌ ومجزِئٌ
عند جمهور أَهل العلم - وهو الحق -، وبيَّن سبحانه الحكمةَ في هذه الرخصة: وهي
أَنه أَراد التيسير على عباده، ولم يَرِدْ لهم العُسر والمشقَّةَ بتكليفهم بالصوم
في حالة السَّفر والمرض، وأَن الحكمةَ في إِيجاب القضاءِ هي إِكمال عددِ الأَيام
التي أَوجب الله صومَها، ففي هذه الرخصةِ جمعَ بين التَّيسيرِ واستكمالِ العددِ
المطلوب صومُه.
وهناك صِنفٌ ثالثٌ
«من» يُرخَّص لهم بالإِفطار: وهم الكبيرُ الهَرِمُ، والمريضُ المزْمِن إِذا لم
يُطيقا الصيام، قال تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ﴾ [البقرة: 184]، ومعنى:﴿يُطِيقُونَهُۥ﴾ يُكلَّفُونَه ويشقُّ عليهم؛ فعليهم بدَلُ الصِّيام
إِطعام مسكينٍ عن كلِّ يومٍ،
الصفحة 1 / 112