وهذا على ما ذهب
إِليه طائفةٌ مِن العلماء في تفسير الآيةِ وأَنها لم تُنسخْ، وأُلحِقَ بهؤلاءِ
الحاملُ والمرضعُ إِذا خافتا على نفسيهما أَو على ولديهما مِن الصِّيام، كما رُوي
«عن أبي عبَّاسٍ» أَنه قال لأُمِّ وَلدٍ له حاملٍ أَو مُرضعةٍ: «أَنتِ بمنزلةِ
الذين لا يُطيقونَ الصِّيام».
وعنِ ابنِ عُمَرَ
أَن إِحدى بناتِه أَرسلتْ تسأَله عن صوم رمضانَ وهي حامل؛ - قال: «تُفطِرُ وتُطعمُ
عن كلِّ يومٍ مسكينًا». هؤلاء جميعًا يُباح لهم الإِفطار في نهار رمضانَ نظرًا
لأَعذارهم الشرعيةِ، ثم هم يُقسَّمُون إِلى ثلاثة أَقسام:
1- قِسمٌ يجب عليه
القضاءُ فقط ولا فديةٌ: وهم المريضُ، والمسافرُ، والحامل والمرضعُ إِذا خافتا
على نفسيهما.
2- وقِسمٌ يجب عليه
الفِدْيةُ فقط ولا قضاءَ عليه: وهم العاجزون لهِرَمٍ أَو مرضٍ لا يُرجَى بُرؤُه.
3- وقِسمٌ يجب عليه
القضاءُ والفِديةُ: وهم الحاملُ والمرضعٌ إِذا خافتا على ولدَيهما فقط،
والفِديةُ هنا إِطعام مسكينٍ نصفَ صاعٍ مِن طعامِ البلد عن كلِّ يومٍ.
وهكذا دينُنا دينُ
يُسرٍ وسمَاحةٍ، يتمشَّى مع ظروف الإِنسان، ولا يكلِّفُه ما لا يُطيقُه أَو يشقُّ
عليه مشقَّةً شديدةً غير مُحتَمَلَةٍ، يُشرِّعُ للحَضَر أَحكامًا مناسبةً،
وللسَّفر أَحكامًا مناسبةً؛ ويُشرِّع للصَّحيح ما يناسبه، وللمريض ما يناسبه.
ومعنى هذا أَنَّ
المسلم لا ينفكُّ عن عبادةِ الله في جميع أَحوالِه، وأَنَّ الواجباتِ لا تَسقط عنه
سُقوطًا نَهائيًّا، ولكنَّها تتكيَّف مع ظروفِه، قال الله تعالى: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ
يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحِجر: 99]،