×
إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان

وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيُرَى سَبِيلُهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» ([1]). وقال تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَيۡرٗا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرّٞ لَّهُمۡۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِۦ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ [آل عمران: 180].

يوضح ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «مَنْ أَتَاهُ اللهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ «أَي ثُعبَانًا عظيمًا كَرَيه المنْظر» لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي شِدْقَيْهِ -، وَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ» ([2]).

هذه عقوبةُ مانعِ الزكاة في الآخرة قد بينها الله ورسوله، وهي أَن المال غيرَ المزَكَّى يُجعل صفائح تُحمَى في نار جهنم، يُكْوَى بها جنبُه وظهرُه، وجُعِل أَيضًا ثعبانًا عظيمًا يُطوَّق به عنقُه، ويُمسِك بشدْقِيه، ويلدغُه ويُفرِغ فيه السمَّ الكثيرَ الذي يَتأَلَّم منه جسمُه، وليس هذا العذاب يحصل في ساعةٍ وينقطع، بل يستمرُّ خمسين أَلف سَنةٍ - نعوذ بالله مِن ذلك -.

ومانع الزكاة إِذا عُرِفَ عنه ذلك فإِنه لا يجوز تَرْكُه، بل يجب الإِنكار عليه ونُصْحُه، فإِن أَصرَّ على مَنْعها؛ وجَبَ على وليِّ الأَمر أَن ينظر في شأْنه، فإِن كان جاحدًا لوجوبِها؛ وجب أَن يُستتاب، فإِن تاب وأَدَّى الزكاة لله، وإِلا وجب قتلُه مُرتدًّا عن دين الإِسلام؛ وإِن كان مُقِرًّا


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (987).

([2])أخرجه : البخاري رقم (1403)، ومسلم رقم (987).