ومَنْعُ الزكاة يسبب
أَضرارًا عظيمة، مِنها الحِرمَان من هذه المصالح المترتبة على إِخراجها، ومِنها
تعريضُ المال للتَّلف والهلاك، ففي الحديث الذي رواه البزَّارُ عن عائشةَ رضي الله
عنها: «مَا خَالَطَتِ الزَّكَاةُ مَالاً قَطُّ إِلاَّ أَهْلَكَتْهُ» ([1]). وأَنتم تروْن
وتسمعون اليوم ما يصيب الأَموال مِن الكوارث التي تُتلفُها، مِن حريقٍ وغَرَقٍ
ونَهبٍ وسَلْبٍ، وخسارةٍ وإِفلاسٍ؛ وما يصيب الثمار مِن الآفات التي تقضي عليها،
أَو تُنقِصُها نقصًا ظاهرًا، وهذا مِن عقوبات مَنْعِ الزكاة.
ومنها مَنْعُ
القَطْرِ مِن السماءِ الذي به حياةُ الناسِ والبهائمِ، ونموِّ الأَشجارِ والثمار،
وفي الحديث: «وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ زَكَاةَ أَمْوَالِهم إِلاَّ مُنِعُوا
الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ» ([2]). كما تشاهدون
انحباسَ الأَمطار عن كثير من البلاد، وما نتج عن ذلك من الأَضرار العظيمة، هذه
عُقوباتٌ عاجلة.
وأَما العقوبات
الآجلة فهي أَشدُّ من ذلك، قال تعالى: ﴿۞يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡأَحۡبَارِ وَٱلرُّهۡبَانِ لَيَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ
بِٱلۡبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۗ وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ
ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم
بِعَذَابٍ أَلِيمٖ ٣٤ يَوۡمَ
يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ
وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ
تَكۡنِزُونَ﴾ [التوبة: 34- 35].
وكلُّ مالٍ لا تُؤدَّى زكاتُه فهو كَنزٌ يُعذَّب به يوم القيامة، ويوضِّح ذلك الحديثُ الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ
([1])أخرجه : البيهقي في شعب الإيمان رقم (188)، وفي السنن الصغرى للبيهقي رقم (1289).