ولما انتهى عاد إليها؛ فهذا هو الخاسر الذي خسِر
حياتَه وضيع أَوقاته، ولم يستفِدْ من هذا الشهر إِلا الذنوبَ والآثام، وقد قال
جِبْريلُ للنبي - عليهما الصلاة والسلام -: «وَمَنْ أَدْرَكَهُ شَهْرُ
رَمَضَانَ فَلْمْ يُغْفَرْ لَه فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْ: آمِيِن. فَقَالَ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: آمِيِن» ([1]). والمحروم من
حرَمَه الله، والشَّقيُّ من أَبعده الله.
عباد الله، إِن
عبادةَ الله واجبةٌ في كل وقتٍ، وليس لها نهايةٌ إِلا بالموت، - قال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ
يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ﴾ [الحِجر: 99]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ
وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ
إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ...» ([2]). الحديث. والموت
قريبٌ، ولله عباداتٌ تُؤدَّى في مواقيتها المحددة يوميًّا وأُسبوعيًّا وسنويًّا،
وهذه العبادات منها ما هو أَركان الإسلام وما هو مكمل له.
فالصَّلوات الخمسُ تُؤدَّى في كل يومٍ وليلةٍ، وهي الركن الثاني من أَركان الإِسلام بعد الشَّهادتين، وهي عمود الإِسلام؛ والجمعة تُؤدَّى كل أَسبوعٍ، وهي من أَعظم شعائر الإِسلام، يجتمع لها المسلمون في مكانٍ واحدٍ اهتمامًا بها؛ والزكاة قرينةُ الصلاة، وهي - في غير الْمُعَشَّرَاتِ - تُؤدَّى كل سنةٍ، وأَما الْمُعَشَّرَاتُ فتُؤدَّى زكاتُها عند الحصول عليها؛ وصيام شهر رمضانَ يجب في كل سنة، وحجُّ بيتِ الله الحرام يجب على المسلم المستطيع مرَّةً في العمر وكذا العمرَةُ، وما زاد على المَرَّة من الحجِّ والعمرة فهو تطوُّع.
([1])أخرجه : مسلم رقم (2551)، والترمذي رقم (3545)، وابن حبان رقم (907).