×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ [البقرة: 1-2]، لماذا خص المتقين؟ لأنهم هم الذين قبلوه وانتفعوا به، وهذا الهدى هدى قَبُول وتوفيق.

فالهدى على نوعين: هدى دَلاَلة وإرشاد وهذا عام لجميع الناس. وهدى توفيق وتثبيت على الحق، وهذا خاص بالمؤمنين، خاص بالمتقين، ﴿الٓمٓ ١ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [البقرة: 1-5].

*إذن فاتضح لنا الجواب عن هاتين الآيتين:

الأولى: أن الله أخبر أن القرآنَ هدًى للمتقين.

والثانية: أخبرنا اللهُ أن القرآن هدًى للناس: المتقين والكفار. فما الفرق؟

أقول: المراد بـ: «الهدى» في الآية الأولى هدايةُ التوفيق والتثبيت على الحق، والمراد بـ: «الهدى» في الآية الثانية هدى الدَّلالة والإرشاد، ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ[فصلت: 17]. وهداهم، يعني: دلَّهم وأرشدهم ووضّح لهم، لكنهم لم يقبلوا.

﴿وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ [البقرة: 185]، القرآن بينات يبين للناس الهدى إلى الصراط المستقيم، وإلى جنات النعيم، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ٩ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا [الإسراء: 9، 10].


الشرح