﴿وَٱلۡفُرۡقَانِۚ﴾ [البقرة: 185]: الفرقان بين الحق والباطل، فالقرآن فيه
فرقان يفرق بين الحق والباطل، يفرق بين المؤمنين والكافرين، يفرق بين أولياء الله
وأولياء الشيطان. هذا كلُّه في القرآن العظيم.
ثم
قال سبحانه: ﴿فَمَن
شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ﴾
[البقرة: 185]، ما المرادُ بالشهر؟ المذكور في أول الآية شهرُ رمضان، فتكون «أل»
للعهد الذكري، أي: الشهر المذكور في أول الآية، وهو قوله: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ﴾
[البقرة: 185]، ﴿فَمَن
شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ﴾
[البقرة: 185]، هذا أمر مِنَ الله بالصيام، وأمر بصيام جميع الشهر.
﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ﴾
[البقرة: 185]، معنى: ﴿شَهِدَ﴾ أي حضر، فمَنْ دخل عليه شهرُ رمضان وهو مقيم، وهو صحيح،
وهو بالغٌ مسلم؛ فإنه يجب عليه الصيامُ. مَنْ دخل عليه شهرُ رمضان وهو صحيح ليس
فيه مرضٌ، مقيمٌ ليس مسافرًا، بالغٌ ليس صغيرًا، فمَنْ حضر هذا الشهر وهو يتصف
بهذه الصفات فَلْيَصُمْه، يصم أيامه، وليس المرادُ أنه يصوم الليل والنهار، لا،
يصوم النهار. وأما الليل فسيأتي قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ﴾ [البقرة: 187]، فالمرادُ أنه يصوم نهار رمضان مِنْ أوله
إلى آخره، ﴿فَمَن
شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ﴾
[البقرة: 185]، هذا أمر مِنَ الله، والأمر يفيد الوجوب.
فصيامُ شهر رمضان واجبٌ بهذه الآية، وهو ركنٌ مِنْ أركان الإسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (8)، ومسلم رقم (16).