×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

 وما أشبه ذلك مِنَ الأمراض اليسيرة التي لا يشق الصيام معها؛ فهذا لا يعذر بالفطر في رمضان، المرض اليسير العادي كالصداع ووجع الضرس وغير ذلك؛ هذا ليس مرضًا يبيح له الإفطار.

﴿أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ: إذا دخل شهرُ رمضان وهو مسافرٌ، أو دخل عليه شهرُ رمضان وهو مقيمٌ ثم سافر في أثنائه؛ فهذا يفطر في أثناء السفر؛ لئلا يجتمع عليه مشقة السفر ومشقة الصيام، الله خفف عنه وأباح له الإفطار، والإفطار أفضلُ للمريض والمسافر؛ أخذًا برخصة الله سبحانه وتعالى.

في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»  ([1]). فالمريضُ الذي يشق عليه الصيامُ الأفضل له أن يفطر، والمسافر الأفضل له أن يفطرَ؛ أخذًا برخصة الله سبحانه وتعالى، فإنْ تحمل وصام في مرضه أو في سفره فصيامُهُ صحيحٌ؛ لأن الصيامَ عزيمة، والإفطارَ رخصةٌ، فإذا أخذ بالعزيمة وصام وهو مريضٌ أو مسافرٌ أجزأه صيامُه، وإن أخذ بالرخصة وأفطر فهذا أفضلُ له وأحسنُ.

والمسافر إذا نوى إقامةً في أثناء سفره: إنْ كانت هذه الإقامةُ تزيد عن أربعة أيام فإنه يصوم ويتم الصلاة؛ لأنه انقطع السفرُ في حقه، الإقامة التي تزيد على أربعة أيام وقد نواها وعرفها تقطع السفر وتعود له أحكام الإقامة، فيصوم في أثناء إقامته، ويتم الصلاة في أثناء إقامته. أما إذا كانتِ الإقامةُ أربعة أيام فأقلَّ فإنها لا تقطع السفر، فله أن يفطرَ، وله أن يقصرَ الصلاة؛ لأنه ما زال مسافرًا.

ولذلك إذا أقام ولا يدري متى تنتهي إقامته، أقام لطلب حاجة ولا يدري متى ينتهي مطلوبه؛ فإنه أيضًا لم ينقطع السفرُ في حقه، فيفطر


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (5866)، وابن خزيمة رقم (950)، وابن حبان رقم (2742).