×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

ويقصر الصلاة؛ لأنه لم يزمع إقامة محددة ولا يدري متى يواصل السفر، فهو لا يزال مسافرًا.

*إذًا فالإقامة في أثناء السفر لها ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يعلم أنه سيقيم أكثر مِنْ أربعة أيام؛ فهذا تنقطع أحكامُ السفر في حقه، فيصوم ويتم الصلاة.

الحالة الثانية: أن ينويَ إقامة أربعة أيام فأقل؛ فهذا لم ينقطع السفر في حقه، فله أن يفطرَ وله أن يقصرَ الصلاة؛ لأنه ما زال مسافرًا.

فالنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قدم إلى مكة في صبيحة الرابع مِنْ ذي الحجة، فأقام أربعة أيام يقصر الصلاة، وفي اليوم الثامن يوم التروية ارتحل صلى الله عليه وسلم إلى منًى هو وأصحابه، فدل على أن الإقامة إذا كانت أربعة أيام فأقلَّ فإنها لا تقطع أحكام السفر.

أما إذا زادت فالأصلُ في المقيم أنه يتم الصلاة، وأنه يصوم في رمضان؛ لأنه أصبح مقيمًا.

فإن قلت: أليس الرسولُ صلى الله عليه وسلم أقام في مكة في غزوة الفتح عشرة أيام يقصر الصلاة، وأقام في تبوك ثمانيةَ عشرَ يومًا يقصر الصلاة؟

فنقول: نعم. لكنه لم ينوِ إقامةً في مكة؛ لأنه يترصد أحوال العدو، لأنه أقام ليستعد لغزوة حنين. فهو أقام إقامة غير محددة لا يدري متى يهجم العدو، وإنما أقام للاستعداد لغزوة حنين، لم ينوِ إقامة محددة. وهذا ما نقوله، نقول: إنْ كان لا يدري متى تنتهي الإقامةُ فإنه مسافر. وكذلك في تبوك أقام صلى الله عليه وسلم ثمانيةَ عشرَ يومًا أو عشرين يومًا في تبوك لم ينوِ إقامةً معينة، وإنما أقام يترصد أحوال العدو، لا يدري متى يلتقي مع العدو؛ لأنه خرج لغزو الروم وعَسْكَرَ في تبوك ينتظر العدو، ولا يدري


الشرح