×
دورس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثاني

وللحديث الذي فيه: أن رجلاً جاء للنبي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَهْلَكَكَ؟»، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ، وهل أوقعني فيما أوقعني فيه إلا الصيام؟! قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ أَسْتَطِيعُ. فَجَلَسَ عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ، أُتِيَ بِعَرَقٍ - يعني: بزمبيل فيه تمر - فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»، قَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا يَا رَسُولِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا، قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَالَ: «فَأَطْعِمْهُ عِيَالَكَ»  ([1]).

الشاهد من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالكفارة المغلظة؛ دل على تحريم الجماع؛ لأن الكفارة لا تكون إلا عن فعل محرم ومعصية، فأمره بالكفارة المغلظة؛ فدل على بطلان الصيام بذلك، وأنه يقضي اليوم ويكفِّر هذه الكفارة.

أما لو أن الإنسان احتلم، إنسان نائم فاحتلم ودفق منه المني بالاحتلام وهو صائم؛ فهذا لا يؤثر على صيامه؛ لأنه بغير اختياره، لكن عليه الاغتسال مِنَ الجنابة وصيامه صحيح؛ لأنه بغير اختياره.

وبناءً على ذلك فإن الجماع يبطل الصيام؛ فعلى المسلم غض البصر، على المسلم - خصوصًا - الصائمَ غض البصر عن النساء؛ لئلا تثور عليه شهوتُهُ فيقع في حرج، حتى زوجته لا ينظر إليها نظر شهوة وهو صائم؛ لئلا يقع عليها وهو صائم؛ لأن الإنسان ضعيف، فيُؤمر بغض البصر والابتعاد عما يحرك شهوته مع زوجته؛ سدًّا للذريعة.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1936)، ومسلم رقم (1111).