أما
المباشرةُ مِنْ غير جماع فإن كانت بشهوة فإنها لا
تجوز؛ لأنها وسيلة إلى الجماع، فإذا كانت المباشرةُ باللمس والتقبيل - وما أشبه
ذلك - بشهوة؛ فإنها لا تجوز للمعتكف: لا في الليل ولا في النهار، صائمًا أو غير
صائم.
أما
المباشرة التي بدون شهوة فلا مانعَ منها؛ كان النبي صلى
الله عليه وسلم يعتكف في المسجد ويخرج رأسه لعائشة وهي في حجرتها؛ لأن حجرة عائشة
بجوار المسجد، فكان يخرج رأسه الشريف لعائشة وهي ترجِّله وتصلح شعره.
وهذا
فيه: أن المرأة تلمس الرجل المعتكف، لكن مِنْ غير شهوة، فما
دام مِنْ غير شهوة فلا بأس.
ثم
قال جل وعلا: ﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ﴾
[البقرة: 187]، أي: الممنوعات المحرمات تُسَمَّى حدودَ الله؛ لأن الله منع منها،
والحد هو المنعُ. فالمحرمات حدود الله؛ لأن الله منع منها وقال: لا تقربوها، ومنها
الجماع للمعتكف فهو حرام، وهو مِنْ حدود الله.
فلا يجوز للمعتكف أن ينتهك حدود الله عز وجل، ولا غير المعتكف. فالمحرمات هي حدود الله، وكذلك المباحات. المباحات يسميها الله حدودًا أيضًا، لكنه في المحرمات يقول: لا تقربوها، وفي المباحات يقول: ﴿تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾ [البقرة: 229]. فالمباحات لا تعتدى، يعني: لا تتجاوز المباحات إلى المحرمات. أما المحرمات فلا تقربها، بمعنى: أنك تترك الوسائل التي تؤدي إليها؛ لأن لها حمى، لا تقرب الحمى.