قال
صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ
مَحَارِمُهُ» ([1])،
ولهذا قال: لا تقربوها. لا تعملوا الوسائل التي تؤدي إليها، وقال جل وعلا: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ
ٱلزِّنَىٰٓۖ﴾ [الإسراء: 32]، ما قال: لا
تزنوا، بل قال: ﴿وَلَا
تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ﴾؛
لأن هذا أبلغ؛ ففيه نهيٌ عن الزنا وعن الوسائل المؤدية إليه.
والوسائل
المؤدية إلى الزنا: مثل النظر الحرام، والسماع
الحرام، والاختلاط بين الرجال والنساء، وسفور النساء - عدم التستر والحجاب - وسفر
المرأة بدون محرم، وخلوة الرجل بالمرأة التي تحل له. هذه كلها وسائل حرمها الله
سبحانه وتعالى؛ لأنها تؤدي إلى الزنا. فالله إذا حرَّم شيئًا حرَّم الوسائل التي
تؤدي إليه، ﴿تِلۡكَ
حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعۡتَدُوهَاۚ﴾
[البقرة: 229]، أي: محرماته، ﴿فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ﴾
[البقرة: 187]: لا تسلكوا الطريق الذي يوصل إليها.
ثم
قال: ﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ
يَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 187]، أي: مثل هذا
البيان الذي في هذه الآية؛ حيث بَيَّن لكم ما يحل لكم وما يحرم عليكم: في ليلة
الصيام، وفي نهار الصيام، وفي حالة الاعتكاف.
الله بَيَّن هذا في هذه الآية وفصَّله لكم، وعَرَفْتموه من بيانه سبحانه وتعالى، كذلك يبين لكم الآياتِ الأخرى، القرآن كلُّه بيان للأحكام الشرعية، بين الله لعباده الأحكام الشرعية ووضحها لهم أتم توضيح، فكما بَيَّن الله في هذه الآية هذه الأحكام العظيمة، كذلك يبين الله في الآيات الأخرى أحكامه الشرعية؛ تفضلاً منه سبحانه وتعالى على عباده.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).